إذاً: سبب الخلاف هو أنهم نظروا إلى الصابئين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وقبل مبعثه أيضاً، فإن الصابئين -من الناحية الجغرافية التاريخية- قوم يسكنون في بلاد الشام في جهة حران شمال العراق، ولذلك يقال لهم: الحرانيون، أو الحرنانيون.
ففي ذلك الوقت عند مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، وحتى عند مبعث موسى وعيسى عليهما السلام، وإلى اليوم يوجد منهم بقايا وهم كفار مشركون، كما أن اليهود والنصارى كفار مشركون.
لكن المقصود من الآية: أن كل من آمن بنبي واتبعه فهو مقبول عند الله، أما من ابتدع وانحرف ووقع في الشرك من أتباع أي نبي كان؛ فهو كافر مشرك. فرسالة إبراهيم عليه السلام -مثلاً- من آمن بها واتبعها فهو مؤمن، أما بعد أن بعث الله تعالى موسى في بني إسرائيل، فيجب على كل أحدٍ من بني إسرائيل أن يؤمن بموسى، وأن يتبع دينه، وبعد أن أرسل الله تعالى في بني إسرائيل عيسى عليه السلام، وجب على كل إسرائيلي أن يؤمن به، وبعد أن بعث الله تعالى محمداً صلى الله عليه وسلم، وجب على كل من بلغ من البشر أن يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم. ولو أن رجلاً آمن بعيسى عليه السلام على التوحيد الذي جاء به، ثم أدرك دعوة النبي صلى الله عليه وسلم فآمن بها، كان له أجره مرتين، كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإن الله تعالى لا يضيع أجر من اتبع نبياً وبقي على التوحيد الذي جاء به نبيه، فإذا بُعِث بعده نبي ناسخ لشرعه، وجب اتباع شريعة ذلك النبي الناسخ.